الحوكمة والانتخابات

يعلن الحسن واتارا ترشحه لولاية رابعة في كوت ديفوار قبل انتخابات أكتوبر 2025

أعلن رئيس كوت ديفوار، الحسن واتارا، مساء الثلاثاء 29 يوليو 2025، عبر خطاب متلفز، عن ترشحه رسميًا للانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع تنظيمها في 25 أكتوبر من العام نفسه.

وجاء هذا الإعلان لينهي فترة من الترقب السياسي، ويضع حدًا للتكهنات التي سادت المشهد الإيفواري بشأن نية الرئيس خوض السباق الرئاسي من عدمه.

وفي خطابه، برّر واتارا قراره بالحاجة إلى قيادة ذات خبرة في ظل ما وصفه بـ “التحديات غير المسبوقة” التي تواجه البلاد، بما في ذلك تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل، والاضطرابات الاقتصادية العالمية، والتقلبات النقدية. كما أكد على أنّ حالته الصحية الجيدة، إلى جانب النصوص الدستورية الحالية، تتيح له الترشح دون عائق قانوني.

وقد حظي ترشح أواتارا بدعم قوي من حزبه الحاكم، “Rassemblement des Houphouëtistes pour la Démocratie et la Paix (RHDP)”، (تجمّع الهوفويتيين من أجل الديمقراطية والسلام) وهو حزب يستمد اسمه من إرث الرئيس الراحل فيليكس هوفويه بوانيي ويقدّم نفسه كامتداد لنهجه السياسي.

وقد أعلن الحزب رسميًا ترشيح واتارا، معتبرًا إياه عنصر توازن وضمانة للاستقرار في ظل التحديات الإقليمية. وشهدت مدن عدة في كوت ديفوار خلال الأسابيع الماضية مظاهرات مؤيدة مثّلت تمهيدًا سياسيًا واضحًا لهذا الإعلان.

وفي المقابل، يشهد المشهد الانتخابي توترًا متصاعدًا بسبب استبعاد مرشحين بارزين من المعارضة من القوائم الانتخابية، على رأسهم الرئيس الأسبق لوران غباغبو والخبير الاقتصادي تيجان تيام، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من أحزابهم التي تطالب بإعادة إدراجهم قبل غلق باب الترشح المقرر في نهاية أغسطس.

وعليه، يهدف هذا المقال إلى تقديم معلومات وواضحة حول هذا الحدث السياسي المهم، دون الدخول في تحليلات أو تأويلات سياسية. ولتحقيق ذلك، سيركز على نقطتين رئيسيتين، هما: إعلان الترشح والرسائل المصاحبة له، والوضع الانتخابي الراهن في ظل غياب بعض الأسماء المعارضة.

إعلان الترشح والرسائل المصاحبة له

في خطاب وطني بثّته القنوات الرسمية مساء الثلاثاء 29 يوليو 2025، أعلن الرئيس الإيفواري الحسن واتارا عن ترشحه لولاية رئاسية رابعة، واضعًا بذلك حدًا لحالة الترقب التي سادت المشهد السياسي الإيفواري منذ بداية العام.

وجاء الإعلان بعد ضغوط متزايدة من قيادات حزبه الحاكم “تجمع الهوفويتيين من أجل الديمقراطية والسلام (RHDP)”، الذي نظّم مظاهرات وفعاليات جماهيرية واسعة طيلة الأشهر الماضية لدعم فكرة استمراره في الحكم، واصفة إياه بـ “الضامن الأول لاستقرار الدولة” في ظل ما تشهده منطقة غرب إفريقيا من اضطرابات متصاعدة.

فقد أفسح الإعلام الرسمي مساحة كبيرة لتغطية الحدث، مترافقًا مع حملة إعلامية تظهر إنجازات الرئيس في البنية التحتية والنمو الاقتصادي، وهو ما يُعطي مؤشرًا على بداية تعبئة سياسية شاملة تقودها السلطة نحو انتخابات تعدّها حاسمة في تاريخ البلاد الحديث.

وخلال خطابه، شدد واتارا على أنّ قراره لا ينبع من رغبة شخصية؛ بل من إحساس عميق بالمسؤولية الوطنية، في ظل ما وصفه بـ “التهديدات الأمنية غير المسبوقة والتقلبات الاقتصادية الإقليمية والدولية”.

وأشار إلى أنّ كوت ديفوار تواجه تحديات حقيقية على صعيد الأمن الحدودي ومخاطر الإرهاب، خصوصًا مع التدهور الأمني في دول الجوار مثل مالي وبوركينا فاسو، ما يستدعي، وفق قوله، قيادة تمتلك الخبرة والدراية لتوجيه البلاد في هذه المرحلة المفصلية.

وقد حاول واتارا، في خطابه، الجمع بين الشرعية الدستورية والشعبية، مؤكدًا أن الدستور المعدل عام 2016 يمنحه الحق القانوني في الترشح، وأن حالته الصحية جيدة وتسمح له بتحمّل أعباء المنصب. وتُعتبر هذه النقطة من أبرز ما سعى الرئيس إلى توضيحه، ردًا على الانتقادات السابقة التي اعتبرت ولايته الثالثة – في 2020 – تجاوزًا للحد الدستوري للولايات الرئاسية. إذْ أعاد التأكيد أن التعديل الدستوري “أعاد ضبط العداد“، وفتح الباب أمام عهدة جديدة، تعتبر – قانونيًا – الأولى في ظل الدستور الجديد.

وقد أعقبت هذا الإعلان ردود فعل متباينة؛ حيث عبّر أنصار الحزب الحاكم عن ترحيبهم الواسع، واعتبروه إعلانًا يعزز من فرص استقرار البلاد، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، بينما آثرت قوى المعارضة التزام الحذر حتى هذه المرحلة، مع توجيه انتقادات مبطّنة إلى ما وصفوه بـ “إعادة تدوير الشرعية”.

وعلى الصعيد الإعلامي، فقد أفسح الإعلام الرسمي مساحة كبيرة لتغطية الحدث، مترافقًا مع حملة إعلامية تظهر إنجازات الرئيس في البنية التحتية والنمو الاقتصادي، وهو ما يُعطي مؤشرًا على بداية تعبئة سياسية شاملة تقودها السلطة نحو انتخابات تعدّها حاسمة في تاريخ البلاد الحديث.

الوضع الانتخابي العام وحالة المرشحين والمعارضة

تأتي الانتخابات الرئاسية المقبلة في كوت ديفوار في سياق انتخابي مشحون، يتسم بتوتر واضح بين السلطة والمعارضة، خاصة بعد إعلان المجلس الدستوري عن استبعاد عدد من الشخصيات السياسية البارزة من قائمة المرشحين المحتملين.

وأبرز هذه الشخصيات الرئيس الأسبق لوران غباغبو، الذي يقود حزب الشعب الإفريقي (PPACI)، والخبير الاقتصادي المعروف تيجان تيام، زعيم الحزب الديمقراطي الإيفواري (PDCI).

 وقد أثار استبعادهما جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، وفتح المجال أمام اتهامات متزايدة بتضييق فرص المنافسة وتقليص قاعدة الترشح لأسباب سياسية لا قانونية.

وفي مواجهة هذا الوضع، أعلنت الأحزاب المعارضة الرئيسية تحالفًا غير مسبوق لمطالبة السلطات بإعادة إدراج المرشحين المستبعدين في السباق الانتخابي، مؤكدين أن أي انتخابات تُجرى دون مشاركة ممثليهم ستكون “فاقدة للشرعية التمثيلية”.

وقد بدأتْ حملات شعبية ونقاشات سياسية مكثفة في الداخل الإيفواري، وسط مخاوف من تكرار سيناريو مقاطعة انتخابات 2020، التي انسحبت منها المعارضة احتجاجًا على ترشح واتارا لولاية ثالثة آنذاك. وتشير مؤشرات أولية إلى أن هذا الملف قد يتحول إلى محور رئيسي في التعبئة السياسية خلال الأسابيع المقبلة.

وفي المقابل، لم تصدر إلى الآن أيّ إشارات واضحة من الجهات الرسمية بشأن مراجعة هذه القرارات أو فتح المجال للطعن فيها، فيما يستمر العد التنازلي لإغلاق باب الترشح المقرر بنهاية أغسطس.

وبينما تروج السلطة لسير العملية الانتخابية وفق الجدول الزمني، ترى أطراف من المعارضة أن المناخ العام لا يزال يفتقر إلى الشروط الدنيا لضمان منافسة حقيقية، لاسيما مع سيطرة الحزب الحاكم على المشهد المؤسسي والإعلامي.

هذا الواقع يُلقي بظلاله على صورة الانتخابات القادمة، التي كان يُعوّل عليها لترسيخ مسار ديمقراطي أكثر توازنًا في البلاد.

الخاتمة

في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار، تتجه الأنظار إلى قدرة البلاد على تنظيم استحقاق سياسي يعكس إرادة المواطنين ضمن مناخ من الشفافية والتعددية. وبينما تتقدم الإجراءات الشكلية بوتيرتها المعلنة، يبقى المسار السياسي رهين القرارات الحاسمة التي ستُتخذ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، خصوصًا فيما يتعلق بحق الترشح وضمان الحد الأدنى من التنافس المشروع.

ويُعد مدى استجابة المؤسسات الرسمية لهذه التحديات مؤشرًا حاسمًا على نضج التجربة الديمقراطية واستعدادها لعبور مرحلة حساسة بأقل كلفة ممكنة.

زر الذهاب إلى الأعلى