المرأة في الساحل .. صمود أمام العواصف وتحديات تهدد المستقبل
بقلم ابتسام علي
مقدمة:
تعاني المرأة في منطقة الساحل (التي تشمل دولاً مثل مالي، النيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد) من تحديات كبيرة لأسباب متعددة منها النزاعات المسلحة المستمرة وتغيّر المناخ الذي يؤثر على الأمن الغذائي والفقر المدقع وانعدام الخدمات الأساسية وضعف الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية.
كذلك لا تزال معدلات التحاق الفتيات بالمدارس منخفضة، خاصة في المناطق الريفية، تسرب الفتيات من المدارس شائع بسبب الزواج المبكر أو العمل المنزلي.
وتعاني النساء من ضعف في الوصول إلى الرعاية الصحية، خاصة في الصحة الإنجابية وارتفاع معدلات وفيات الأمهات عند الولادة في بعض الدول الساحلية.
وتزايدت حالات العنف الجنسي والاختطاف من قبل الجماعات المسلحة وزواج القاصرات وممارسات مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ما زالت شائعة في بعض المناطق.
كذلك تعتبر مشاركة النساء في الحياة السياسية محدودة جداً. وفرص النساء في العمل النظامي ضئيلة، وغالباً ما يقتصر نشاطهن الاقتصادي على القطاع غير الرسمي.
تقرير الأمم المتحدة: تقرير التنمية البشرية في الساحل
صدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقرير بعنوان “تقرير التنمية البشرية في الساحل”، والذي يركز على أهمية الطاقة المستدامة في تحسين حياة السكان في منطقة الساحل، بما في ذلك النساء والفتيات.
أبرز النقاط:
الطاقة المستدامة تعتبر أداة رئيسية لتحسين حياة النساء من خلال توفير فرص اقتصادية جديدة وتعزيز الوصول إلى الخدمات الأساسية.
التقرير يشدد على ضرورة تطوير استراتيجيات طاقة مناسبة للسياق المحلي لكل دولة في المنطقة.
جهود وتحركات دولية:
أطلقت الأمم المتحدة وهيئات مثل UN Women وUNFPA مبادرات لتمكين المرأة مثل:
- دعم التعليم المهني للفتيات.
- حملات لمكافحة العنف ضد المرأة.
- إدماج النساء في عمليات السلام والمصالحة.
وعلى الرغم من بعض المبادرات المحلية والدولية لتمكين المرأة، تظل العقبات هائلة: من انتشار العنف الجنسي كسلاح حرب، إلى ارتفاع معدلات زواج الأطفال، ووصولاً إلى إقصاء النساء من عمليات صنع القرار. هذا التحليل يستعرض آخر المعطيات حول واقع المرأة في الساحل، ويكشف كيف تحولت الأزمات المتشابكة في المنطقة إلى اختبار قاسٍ لصمود ملايين النساء اللواتي يُجبرن على خوض معركة البقاء يوميًّا.
خاتمة:
في ظل تصاعد النزاعات المسلحة وتفاقم آثار التغير المناخي وتردي الأوضاع الاقتصادية، تواجه النساء والفتيات في منطقة الساحل الإفريقي واحدة من أصعب الأزمات الإنسانية في العالم. بينما تُعتبر المرأة حجر الأساس في مجتمعات الساحل، فإنها تتحمل العبء الأكبر من العنف والنزوح والحرمان من أبسط الحقوق، في وقت تُظهر فيه التقارير الدولية تراجعًا خطيرًا في مؤشرات التعليم والصحة والمشاركة السياسية.
وفي خضم التحديات المتعددة التي تواجه منطقة الساحل، تبقى المرأة ركيزة أساسية لأي نهوض تنموي حقيقي. إن تمكين المرأة ليس خيارًا، بل ضرورة لبناء مجتمعات مستقرة، عادلة، ومنتجة.
نوجه دعوة صادقة لحكومات دول الساحل لتبني رؤية استراتيجية وشاملة لتمكين المرأة تقوم على:
- إصلاحات تشريعية تضمن حقوق المرأة وتحميها من كافة أشكال العنف والتمييز.
- استثمار حقيقي في التعليم للفتيات، باعتباره أقوى سلاح ضد الفقر والتطرف.
- دعم المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة من خلال فرص العمل، والمناصب القيادية، والمبادرات المحلية.
- تحسين الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، خصوصًا في المناطق الريفية.
- إشراك المرأة في جهود السلام والمصالحة لضمان استدامة الحلول.
إن مستقبل الساحل لا يمكن أن يُبنى إلا بسواعد نسائه، جنبًا إلى جنب مع رجاله. إن تمكين المرأة اليوم هو استثمار في أمن، وازدهار، واستقرار الغد.