السنغال بعد سونكو وفاي: نحو سيادة اقتصادية أم اختبار واقعي للشعارات؟
بقلم وحدة الرصد والمتابعة بمركز الوعي للدراسات
تواجه السنغال مرحلة تحول اقتصادي وسياسي عميق بعد وصول الرئيس باسيرو ديوماي فاي ورئيس الوزراء عثمان سونكو إلى السلطة في عام 2024. تسعى الحكومة الجديدة إلى تنفيذ إصلاحات جذرية تهدف إلى تعزيز السيادة الاقتصادية، مكافحة الفساد، وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
الركائز الأساسية للسياسة الاقتصادية الجديدة
1- خطة “السنغال 2050”
أطلقت الحكومة السنغالية خطة تنموية طموحة تمتد على مدى 25 عامًا، تُعرف بـ “السنغال 2050″، تهدف إلى تعزيز السيادة الاقتصادية من خلال تحسين القدرة التنافسية، الإدارة المستدامة للموارد، وتعزيز الحكم الرشيد. جاء الإعلان عن هذه الخطة بعد سبعة أشهر من فوز الرئيس باشيرو ديوماي فاي الساحق في الانتخابات، حيث تعهد بتحسين أوضاع معيشة المواطنين.
وتتضمن المرحلة الأولى من الخطة، التي ستستمر من 2025 إلى 2029، ميزانية تبلغ 30.1 مليار دولار، وتهدف إلى تقليص العجز المالي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 4.9% حاليًا. سيتم تمويل الخطة من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، مع توقعات بنمو متوسط يبلغ 6.5% وزيادة العبء الضريبي إلى 21.7%.
وتهدف الحكومة أيضًا إلى تحقيق الوصول إلى الكهرباء بنسبة 100%، وزيادة الاكتفاء الذاتي من الطاقة، حيث بدأت السنغال بالفعل إنتاج النفط في يونيو من العام الجاري، ومن المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز الطبيعي بحلول نهاية العام.
في بداية ولايته، قام الرئيس فاي بمراجعة عقود النفط والتعدين، رغم أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل تقدم هذه المراجعات. وفي ظل انخفاض توقعات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي في السنغال إلى 6.0%، تواجه الحكومة ضغوطًا كبيرة للوفاء بوعودها الانتخابية، خاصة من شباب المناطق الحضرية المحرومة.
ويمكن تلخيص خطة التنمية في النقاط التالية:
- تحقيق نمو اقتصادي سنوي يتراوح بين 6.5% و7%.
- تقليص العجز المالي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029.
- خفض نسبة الدين العام من 83.7% إلى 70% خلال نفس الفترة.
- تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة وزيادة نسبة الوصول إلى الكهرباء إلى 100%.
تُقدر تكلفة المرحلة الأولى من الخطة (2025-2029) بحوالي 30.1 مليار دولار، وسيتم تمويلها من خلال مزيج من التمويل العام، الخاص، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
2- مراجعة العقود وتعزيز الشفافية
تسعى الحكومة إلى مراجعة العقود السابقة في قطاعات النفط والغاز لضمان استفادة أكبر للدولة من مواردها الطبيعية. بدأت السنغال في إنتاج النفط من مشروع سانغومار البحري، ومن المتوقع أن تبدأ في إنتاج الغاز الطبيعي من مشروع “تورتو أحميم” في وقت لاحق. تهدف هذه الخطوات إلى تعزيز الإيرادات الوطنية وتقليل الاعتماد على القروض الخارجية.
3- مكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة
تُعد مكافحة الفساد من أولويات الحكومة الجديدة، حيث تم الإعلان عن إنشاء محكمة عليا لمحاكمة المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد. كما تم التأكيد على ضرورة تقديم أعضاء الحكومة لاستقالاتهم من المناصب الانتخابية لضمان استقلاليتهم في أداء مهامهم.
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من الطموحات الكبيرة، تواجه الحكومة تحديات عدة، منها:
- الوضع الاقتصادي الحالي: ارتفاع نسبة البطالة، خاصة بين الشباب، وارتفاع العجز المالي والدين العام.
- المعارضة السياسية: تواجه الحكومة مقاومة من المعارضة، مما أدى إلى حل البرلمان في سبتمبر 2024 والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة.
- توقعات المؤسسات الدولية: خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السنغالي إلى 6% لعام 2025، مما يشير إلى تحديات في تحقيق الأهداف المحددة.
خاتمة
تمثل الحكومة الجديدة في السنغال بداية عهد جديد يسعى إلى تحقيق تحول اقتصادي شامل يُعزز من السيادة الوطنية ويُحسن من مستوى معيشة المواطنين. نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات المعلنة، مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية، والحفاظ على دعم الشعب السنغالي.